المحترف مشرف
عدد المساهمات : 45
نقاط : 116
تاريخ التسجيل : 11/05/2009
الجنس :
السٌّمعَة : 1
بطاقة الشخصية الخبرة: (5/5)
| موضوع: البيان الواضح في نقد كتاب علي الحلبي "منهج السلف الصالح" أو قل الطالح ! الجمعة يوليو 09, 2010 11:46 pm | |
| بسم الله والحمد لله وبعد :
فهذا رد قيّم جدا للشيخ معاذ الشمري حفظه الله , رد فيه على علي الحلبي هداه الله في تناقضاته المزرية وتقريراته المنحرفة في كتابه الفاسد : " منهج السلف الصالح " أو قل الطالح ! , وقد أجاد وأفاد حفظه الله ونفع به , فأردت نقله إلى هذه الشبكة المباركة ليعم النفع على إخواننا وأحبائنا في كل مكان , ونسأل الله أن يهدي عليا الحلبي إلى رشده إنه خير مسئول ....
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الْبَيَانُ الْوَاضِحُ فِيْ نَقْدِ كِتَابِ عليٍّ الْحَلَبِيِّ " مَنْهَجُ السّلَفِ الصّالِح "
إنّ الحمدَ لله ؛ نحمده ، و نستعينه ، و نستغفره . و نعوذ بالله من شرورِ أنفسنا ، و من سيّئاتِ أعمالنا . مَن يهدِهِ اللهُ فلا مُضلّ له ، و مَن يُضلِل فلا هادي له . و أشهدُ أن لا إله إلاّ الله - وحده لا شريكَ له - ، و أشهدُ أنّ محمّدًا عبده و رسوله .
أمّا بعد :
فهذه وقفاتٌ مع عليٍّ الحلبيّ - أصلحه الله - في كتابه " مَنهج السّلفِ الصّالحِ في ترجيحِ ( المصالحِ ) ، و تطويحِ ( المفاسدِ ) و القبائحِ في أصولِ ( النّقدِ ) ، و ( الجرحِ ) ، و ( النّصائحِ ) " .
( الوقفةُ الأولى )
إنّ من منهج أهل السّنّة و أصحاب الحديث و الأثر : ( الامتحانَ بالأشخاص ) ؛ فيمتحنون النّاس بأهل السّنّة ، و بالمبتدعة .
و شواهد ذلك و براهينُه من كلام السّلف و مواقفهم معلومةٌ مشهورةٌ ؛ يطولُ المقامُ بسردها ؛ و سيأتي بعضها .
و لكنّ هذا ( الأصلَ السّلفيَّ ) لا يُعجبُ عليًّا الحلبيَّ - أصلحه الله - ؛ فأراد أن ( يُشوِّشَ ) عليه ؛ فأفرد له مكانه الخاصّ - في كتابه ( ص : 90 - 101 ) - ؛ تحت عنوان : (( المسألةُ الثّامنة : الامتحانُ بالأشخاص )) .
قال ( ص : 90 - 94 ) :
(( . . . و النّاسُ فيها طرفان ، و وسط :
. . . و الحقُّ هو الوَسَطُ العدلُ - بلا إفراطٍ و لا تفريط - :
و قد عرفناه من كلمات أهل العلم السّلفيّين - و سِيَرِهِم - في ذِكرهم و عدّهم مَنْ امتحنوا الآخرين بهم - :
مثاله :
ما ذكره الإمامُ البربهاريُّ في " شرح السُّنّة : . . . - بشرح الشّيخ النّجميّ " ؛ قال . . . في الامتحان ببُغضِ أهل البدعة ، و مُنابذتهم . . . ( ص : 226 ) . . . :
(( إذا رأيتَ الرّجُلَ يذكُرُ ابنَ أبي دُؤادٍ ، و المريسيّ ، أو ثمامة ، و أبا الهُذيل ، و هشامًا الفوطيّ ، أو واحدًا مِن أتباعهم و أشياعهم ؛ فاحذَرْهُ ؛ فإنّه صاحبُ بدعة . . . ، و اترُكْ هذا الرّجل الّذي ذكرهم بخيرٍ . . )) . . .
فالمُلاحَظُ في القائمتين - أهلِ السّنّة ، و أهلِ البدعة - : أنّ هؤلاء و أولئك - كليهما - رؤوسٌ فيما هُم فيه :
فأهلُ السُّنّةِ المذكورون هم رؤوسٌ في السُّنّة .
و أهلُ البدعةِ المذكورون هُم رؤوسٌ في البدعة .
فالسّؤالُ المُهمُّ - بل الأهمُّ - - هُنا - هو :
. . .
هل كلُّ مُواقعٍ للبدعةِ - أو عاملٍ بها - - دون أن يكون رأسًا فيها - يُمتحنُ به ؟!
هُنا المِحَكُّ ، و مَربطُ الفَرس - كما يُقال - . . . )) ا.هـ ؛ إلى آخر تشويشه و تشغيبه ، و سُخريته الّتي لا تخرج عن هذا . .
و جاء في حاشيةٍ ( ص : 92 ) - عند النّقل عن البربهاريّ - رحمه الله - في الامتحان بابن أبي دُؤادٍ ، و نحوه ؛ ما يلي :
(( و في " الميزان : 5 / 168 " - في ترجمة ( عليّ بنِِ المدينيِّ ) - أنَّهُ كان يميلُ لابنِ أبي دُؤاد ، و يُحْسِنُ إليهِ !
و قد روَى عن ابنِ المدينيِّ الكُبَراءُ ؛ منهُم الإمامُ أحمدُ - نفسُه - )) ا.هـ
و في حاشيةٍ ( ص : 93 ) - عند قوله : (( أهل البدع المذكورون هم رؤوسٌ في البدعة )) - ؛ ما يلي :
(( ألم يُمْتَحن ( ! ) - إلى الأمسِ القريب ! - - بحبِّ ( فلان ! ) ، و يُبدّعُ ( المُشيرُ إليه ! ) ؛ فضلاً عن المُتكلّم فيه ! باعتباره ( مِحنةَ أهلِ السّنّة ) ؟!!
ثُمّ ( انقلبَ ) الأمرُ - فيه ! - ؛ فصارَ يُمتحنُ ( ببغضه ) - نفسه ! - ، و يُبدَّعُ - حتّى - المُدافعَ عنه !! فلئن كانَ الموقفُ ( الأوّلُ ) خطأً ؛ فما الّذي يمنعُ أن يكونَ الموقفُ ( الثّاني ) خطأً - أيضًا - ؛ لكن ؛ باتّجاهٍ أخر !؟!
. . . لا إله إلاّ الله . .
اللّهمّ ثبّتنا على هُداكَ حتّى نلقاك . . . )) ا.هـ
فأقولُ ؛ و بربّي - وحده أصولُ و أجولُ - :
أوّلاً : ألم تقرأ - و أنت تكتبُ ما كتبتَ - قولَ الإمامِ البربهاريّ - رحمه الله - : (( و إذا رأيتَ الرّجُلَ يذكُرُ ابنَ أبي دُؤادٍ ، و المريسيّ ، أو ثمامة ، و أبا الهُذيل ، و هشامًا الفوطيّ ، أو واحدًا مِن أتباعهم و أشياعهم ؛ فاحذَرْهُ ؛ فإنّه صاحبُ بدعة ؛ فإنّ هؤلاء كانوا على الرّدّة ، و اترُكْ هذا الرّجل الّذي ذكرهم بخيرٍ )) ا.هـ ؟!!!
فهل الأتباع و الأشياع (( رؤوسٌ في البدعة )) ؟!!!
أم أنّ كلمات البربهاريّ - رحمه الله - (( تصريحاتٌ عظيمةٌ ؛ لا تُدفعُ إلاّ بالعناد المحض ، و البُهتان الصّرف )) [ الأجوبة الفاخرة للقِرافيّ : 116 ] ؟!
هداك الله !
كأنّي بسَقْفِ هَذَيَانِك في ( مسألتك الثّامنة ! ) - هذه - قد خرّ على رأسك ؛ فحطّمه !
و نَعَم !
(( الحقُّ هو الوسط العدلُ - بلا إفراطٍ و لا تفريط - :
و قد عرفناه من كلمات أهل العلم السّلفيّين - و سِيَِرِهِم - في ذِكرهم و عدّهم من امتحنوا الآخرين بهم - :
مثاله :
ما ذكره الإمام البربهاريّ . . . )) - كما قلتَ - بنفسك - - .
و البربهاريُّ - رحمه الله - ذَكر الأشياعَ و الأتباع ؛ و لم يقتصر على ( الرّؤوس ) - كما توهّمتَ و أوهمتَ - !
فأين صارت - بربِّك - عباراتُك الطّنّانة الرّنّانة في السُّخرية من هذا الأصل السّلفيّ العظيم = (( الامتحان بالأشخاص )) ؟!
و أين صار تشغيبُك على قواعد منهجنا السّلفيّ ، و سبيل شيوخه و زوامله ؟!
و هل رأيتَ - يا عليُّ ! - كيف أزهق ربّي باطلك ؟!
فالحمدُ للهِ الّذي بنعمته تتمُّ الصّالحات !
و ثانيًا : في زعمكَ رواية الأكابر - و منهم الإمامُ أحمد - عن عليِّ بن المدينيّ - يرحمهم الله - ؛ مع ميله و إحسانه إلى ابن أبي دؤادٍ - على قِصَرِ عباراتك فيه - تشويشٌ ظاهر .
و لقد قال الإمامُ السّلفيُّ عبدُ الرّحمنِ بنُ مهديٍّ - رحمه الله - و غيرُه : (( أهل السّنّة يذكرون ما لهم و ما عليهم ، و أهل البدعة لا يذكرون إلاّ ما لهم )) ا.هـ [ ذكره شيخ الإسلام - رحمه الله - في " الاقتضاء : 13 ] .
و روى الدّارقطنيّ ( 1 / 26 ) - رحمه الله - أنّ وكيع بنَ الجرّاح الرّؤاسيّ - رحمه الله - قال : (( أهل العلم يكتبون ما لهم و ما عليهم ، و أهل الأهواء لا يكتبون إلاّ ما لهم )) ا.هـ
يعني : ما ( يُظنّ ! ) أنّه لهم ، أو عليهم !
و إلاّ فإنّه ليس لأهل الأهواء و البدع دليلٌ على هواهم و ضلالهم . .
و قال شيخُ الإسلام - رحمه الله - في " الاقتضاء : 13 " : (( . . فوصف المغضوب عليهم بأنهم يكتمون العلم : تارةً بُخلاً به ، و تارةً اعتياظًا عن إظهاره بالدّنيا ، و تارةً خوفًا أن يُحتجّ عليهم بما أظهروه منه .
و هذا قد يُبتلى به طوائفُ من المنتسبين للعلم ، فإنهم تارةً . . . ، و تارةً . . . ، و تارةً يكون قد خالف غيره في مسألة ، أو اعتزى إلى طائفةٍ قد خُولفت في مسألة ؛ فيكتُم من العلم ما فيه حجةٌ لمخالفه ؛ و إن لم يتيقّن أنّ مخالفه مُبطل )) ا.هـ
و لو كان المنقولُ المَذكورُ صوابًا ؛ لهان الخطبُ - قليلاً - ؛ و ليس بهيّن !
فكيف و هو غلطٌ - كما سيأتي - ؟!!!
فإنّ عليّ بنَ المَدينيّ - رحمه الله - كان مِن أئمّة الحديث و الجرح و التّعديل و السّنّة - كما لا يخفى - .
و لقد كان يُجلُّه الأئمّة : ابن عُيينة ، و عبد الرّحمن بن مهديّ ، و يحيى بن سعيدٍ القطّانُ، و الإمامُ أحمدُ ، و غيرهم - يرحمهم ربّهم - .
قال أبو حاتمٍ الرّازيّ - رحمه الله - : (( كان أحمدُ لا يُسمّيه ؛ إنّما يُكنّيه ؛ تبجيلاً له )) ا.هـ
و قال - أيضًا - : (( ما سمعتُ أحمدَ سمّاهُ - قطُّ - )) ا.هـ
ثمّ - بعدَ ذلك - أحدثَ - غفر اللهُ لنا و له - حدثًا عظيمًا ؛ فهجرُه أحمد و كثيرٌ مِن الأئمّة ، و تركوا حديثه !
و لم تمنعهم محبّتُه ، و لا عِشْرَتُه ، و لا تبجيلُهم القديم إيّاه ، و لا إمامته و مكانته في العلم و الرّواية مِن ترك الرّواية عنه . . !
ثمّ مَنّ اللهُ - سُبحانَه - عليه ؛ فتابَ و أنابَ ، و رجعَ عن حَدَثِهِ ؛ فرجعَ - مَن رجعَ - مِن الأئمّة إلى الرّواية عنه .
إلاّ الإمام أحمد - رحمه الله - و مَن وافقه ؛ فلقد غلب عليه تَرْكُ الرّواية عمّن أجاب في المحنة .
و العجيبُ الغريبُ المُريب : أنّ خبرَ هذا الشّيء ، و أنّ مُوادّة ابن المدينيّ - غفر اللهُ لنا و له - لابنِ أبي دُؤادٍ المُعتزليّ ، و ترك - مَن تَرَكَه مِن - الأئمّة ، و تشنيعهم عليه ، و الإغلاظ عليه بسبب ( صنيعه ) . . ؛ كُلّ ذلك ماثلٌ بينَ يدي الحلبيّ في المَوضَعِ الّذي ( نَقَلَ ! ) - مِنْهُ - مِن " ميزان الذّهبيّ " !!!
قال الذّهبيّ - رحمه الله - : (( عليّ بن عبد الله [ خ د ت س ] بن جعفر ، أبو الحسن الحافظ . أحد الأعلام الأثبات ، و حافظ العَصر .
ذكره العقيليّ في " كتاب الضّعفاء " فبئس ما صَنَع ؛ فقال : جَنَحَ إلى ابنِ أبي دؤادٍ و الجهميّة . و حديثه مستقيمٌ - إن شاء الله - .
قال لي عبد الله بن أحمد : كان أبي حدّثنا عنه ؛ ثمّ أمسَك عن اسمه ، و كان يقول : حدّثنا رجلٌ ؛ ثمّ ترك حديثه بعد ذلك .
قلت [ الذّهبيّ ] : بل حديثُه عنه في " مُسنده " .
و قد تركه إبراهيم الحربيّ ؛ و ذلك لميله إلى أحمد بن أبي دؤاد ؛ فقد كان مُحسِنًا إليه .
و كذلك امتنع مُسلمٌ من الرّواية عنه في " صحيحه " ؛ لهذا المعنى ؛ كما امتنع أبو زُرْعةَ و أبو حاتمٍ مِن الرّواية عن تلميذه محمّدٍ لأجل مسألة ( اللّفظ ) .
و قال عبدُ الرّحمنِ بنُ أبي حاتمٍ : كان أبو زُرعة تَرَك الرّواية عن عليٍّ ؛ مِن أجل ما كان منه في ( المحنة ) ، و والدي كان يروي عنه لـ ( نُزوعِه ) عمّا كان منه . . . )) ا.هـ المُراد نقله
فالحلبيّ ينقل (( أنَّهُ كان يميلُ لابنِ أبي دُؤاد ، و يُحْسِنُ إليهِ ! )) ، و يُرتّب على ذلك أنّه (( روَى عن ابنِ المدينيِّ الكُبَراءُ ؛ منهُم الإمامُ أحمدُ - نفسُه - )) !
مع أنّك ترى أنّ الكُبراء - و ((منهُم الإمامُ أحمدُ - نفسُه - )) تركوا الرّواية عنه لأجل ميله إلى ابن أبي دؤادٍ ، و إحسانه إليه !
و من هؤلاء الكُبراء - كما عند الذّهبيّ ، و غيره - : الإمام أحمد ، و مسلم ، و إبراهيم الحربيّ ، و أبو زُرعة ، و الفلاّس ، و أبو خيثمة ، و العقيليّ - رحمهم الله - .
أمّا أبو حاتمٍ - رحمه الله - فإنّما روى عنه بعد توبته (( لنـزوعه [ 1 ] عمّا كان منه )) .
و أمّا الإمام أحمد - و بعض الأئمّة - ؛ فتركوا الرّواية عنه ؛ حتّى بعد توبته !
و أمّا قول الذّهبيّ - رحمه الله - في مُعارضة ما ذكره عبدُ الله بن الإمام أحمد مِن ترك أبيه الرّواية عن ابن المدينيّ : (( قلت : بل حديثُه في " المُسند " )) ا.هـ
و قال في " السّير : 8 / 36 " : (( و يُروى عن عبد الله بن أحمد أنّ أباه أمسك عن الرّواية عن ابن المدينيّ ؛ و لم أرَ ذلك ؛ بل في " مُسنده " عنه أحاديث . . . )) ا.هـ
فجوابه : أنّ في " مسند الإمام أحمد " عددًا من روايات الإمام أحمد عن عليّ ابن المدينيّ - رحمهما الله - ؛ لكنّ هذه الرّوايات - الّتي تُقارب الثّلاثين - إنّما رواها الإمام أحمد في " مسنده " قبل المحنة بخلق القرآن .
فلما جاءت هذه المحنة و وقع فيها مَن وقع ؛ و منهم : عليُّ بن المدينيّ - غفر الله لنا و له - ؛ ترك الإمام أحمد الرّواية عنه .
و من الأدلّة الواضحة القويّة على هذا : ما صرّح به عبد الله بن الإمام أحمد ؛ حيث قال :
(( حدّثني أبي : حدّثنا عليّ بن عبد الله بن المدينيّ ؛ و ذلك قبل المحنة ؛ قال عبد الله : و لم يُحدِّث أبي عنه بعد المحنة بشيء ؛ قال : ثنا عبد الوهّاب بن عبد المجيد ؛ يعني : الثّقفي : ثنا يونس ؛ عن الحسن ؛ عن أبي هريرة ؛ أنّ النّبيّ - صلّى الله عليه و سلّم - قال : أفطر الحاجم و المحجوم )) [ " مسند أحمد : 14 / 373 ؛ رقم : 8768 - مؤسّسة الرّسالة ، و 2 / 364 - دار صادر و المكتب الإسلاميّ " ] .
و قال العقيلي في " الضّعفاء : 3 / 962 " : (( و قرأتُ على عبد الله بن أحمد " كتاب العلل عن أبيه " ، فرأيتُ فيه حكاياتٍ كثيرةً عن أبيه ؛ عن عليّ ابن عبد الله ، ثمّ قد ضرب على اسمه ، و كتب فوقه : حدّثنا رجل ، ثمّ ضرب على الحديث كلّه ؛ فسألت عبدَ الله ؛ فقال : كان أبي حدّثنا عنه ؛ ثمّ أمْسَكَ عن اسمه ، و كان يقول : حدّثنا رجلٌ ، ثمّ ترك حديثه بعد ذاك )) ا.هـ
و قد سبق نقلُ الذّهبيّ - رحمه الله - ما نقله العقيليّ عن عبد الله ؛ عن الإمام أحمد - رحمهم الله - .
ويؤكّد ذلك ما قاله الحافظُ ابنُ حَجَرٍ - عفا الله عنّا و عنه - في " تهذيبه : 7 / 301 " : (( و قال عبدُ الله بن أحمد بن حنبل في " المُسند " - بعد أن روى عن أبيه ؛ عن عليٍّ حديثًا - : (( لَم يُحدِّثْ أي [ كذا ؛ و صوابها - كما رأيتَ - : أبي ] بعد المحنة عنه بشيءٍ )) ، و في ( مُسند طلق بن عليٍّ ) : (( ثنا أبي : ثنا عليُّ بن عبد الله - قبل أن يُمتحن - )) )) ا.هـ
و خُلاصة هذه المسألة : أنّ الحلبيَّ يقول : أنّ ( الأكابر ) ؛ و منهم الإمام أحمد كانوا يروون عن عليّ بن المدينيّ - رحمه الله - ؛ رغم ميله و إحسانه إلى ابن أبي دُؤادٍ ؛ الّذي هو رأسٌ من رؤوس أهل البدع ؛ ممّن يُمتحن بهم !
فكأنّ الحلبيّ يُريد أن يقول : أنّه حتّى الامتحان برؤوس المبتدعة ليس أصلاً مضطردًا عند أكابر السّلف ! بل كُبراؤهم يروون عن ابن المدينيّ ؛ رغم ( ميله و إحسانه ) إلى ابن أبي دؤادٍ المعتزليّ = الرّأس في البدعة ؛ الّذي يُمتحن به !
فهو - بصّره الله - حَصَرَ الامتحانَ برؤوس المبتدعة - أوّلاً - !
ثمّ شوّشَ على ذلك - ثانيًا - بما رأيت !!!
فاللهُ يهديه و يُصلحه !
و ثالثًا : فإنّ ما زعمه الحلبيُّ - أصلحه الله - مِن حَصْرِ الامتحان بـ ( رؤوس = أئمّة ) أهل السُّنّة ؛ فهو أوّلُ مُناقضٍ له !
فلقد قال في " الدُّرر المُتلألئة : 7 - 9 " : (( الامتحانُ بموافقة أهل السُّنّة : و لقد امتُحِنَ النّاسُ - قديمًا - بحُبِّ أئمّة السُّنّة ، و مُوالاتهم ؛ كأحمد ، و سُفيان ، و حمّاد ؛ فمَن أحبّهم فهو على خيرٍ ، و مَن لا : فلا !!
بل قد وَقَعَ مِثلُ هذا الامتحانُ - و الابتلاءُ - فيمن دونَ هؤلاء الكُبراء :
كما قال الإمامُ عبد الرّحمن بن مهديٍّ : (( إذا رأيتَ الشّاميَّ يُحِبُّ الأوزاعيَّ و أبا إسحاق الفَزَاريّ : فارجُ خيره )) .
و في لفظٍ : (( فهو صاحبُ سُنّةٍ )) .
و قال أحمدُ بنُ عبد اللهِ بنِ يُونس : (( امتحن أهل المَوْصِل بمُعافى بن عمران ؛ فإن أحبّوه : فهم أهلُ سُنّةٍ ، و إن أبغضوه : فهم أهلُ بدعة . . . )) )) ا.هـ
و في كلام الحلبيّ - هذا - النّصُّ على وُقوعِ الامتحانِ بمن هُم دون الأئمّة الكُبراء !
فهل يكفي هذا الصّادقَ المُنصفَ لِيُقرّ باضطرابِ الحلبيّ و انقلابه ؟!
و زيادةً في البيان ، و نسجًا على مِنوال الحلبيّ في تمثيله الأخير ؛ فإنّي أُذكّر أنّ فيمن ذكرَ البربهاريُّ - رحمه الله - أسماءهم مَن ليسوا - مِن الطّبقة الأولى - مِن رؤوس السّنّة و أئمّتها ؛ كمالك بن مِغوَل ، و يزيد بن زُريع - رحمهم الله - .
و نقول له - أيضًا - : ما هو الضّابطُ العلميُّ الدَّقيق في مَيزِ هؤلاء الأئمّة الرّؤوس عمّن هو دونهم ؟!
(( نبّؤوني بعلمٍ إذ كنتم صادقين )) !
فبطل بهذا - بحمد الله - تشغيب الحلبيّ ( الأخير ) ، و استقرّ أصلُ أهل السّنّة في الامتحان بمن ظهرت سلفيّتُه ؛ فعُرفَ بها ، أو عُرفت به ؛ لدعوته إليها ، و ذبّه و ذَودِه و دفاعه عنها . . ؛ و حتّى لو لم يكُن مِن رؤوس السّنّة و أئمّتها الكُبراء .
و رابعًا : أنّ كلام الإمام البربهاريّ - رحمه الله - الّذي نقله الحلبيّ هكذا أصله :
(( إذا رأيتَ الرّجُلَ يذكُرُ ابنَ أبي دُؤادٍ ، و المريسيّ ، أو ثمامة ، و أبا الهُذيل ، و هشامًا الفوطيّ ، أو واحدًا مِن أتباعهم و أشياعهم ؛ فاحذَرْهُ ؛ فإنّه صاحبُ بدعة ؛ فإنّ هؤلاء كانوا على الرّدّة ، و اترُكْ هذا الرّجل الّذي ذكرهم بخيرٍ )) ا.هـ
فلماذا حذف الحلبيُّ - من كلام البربهاريّ - قوله : (( فإنّ هؤلاء كانوا على الرّدّة )) ، و استبدلها بنِقاطٍ ثلاث ؟!
و خامسًا : إنّ ( أسلوب ) الاستهزاء و السّخرية بالسّلفيّين و منهجهم و مشايخهم ليس هو الطّريق السّويّ - أيّها الحلبيّ - لحلّ نزاعك معهم في منهجهم !
فقولك : (( ألم يُمتحن ( ! ) - إلى الأمسِ القريب ! - - بحبِّ ( فلان ! ) ، و يُبدّعُ ( المُشيرُ إليه ! ) ؛ فضلاً عن المُتكلّم فيه ! باعتباره ( مِحنةَ أهلِ السّنّة ) ؟!!
ثُمّ ( انقلبَ ) الأمرُ - فيه ! - ؛ فصارَ يُمتحنُ ( ببغضه ) - نفسه ! - ، و يُبدَّعُ - حتّى - المُدافعَ عنه !! )) ا.هـ
فإنّي أُطالبُك بأن تنقل - بالتّوثيق - : مَن الّذين بدّعهم السّلفيّون بسبب ( إشارتهم ! ) إلى مَن أوميتَ إليه ؟!
بل أين - ببرهانٍ - مَن بُدّعَ بسبب تخطئته فُلانًا ، أو الرّدّ عليه ؟!!
و حتّى ( الكلام فيه ) ؛ فأنت و إخوانُك لكم كلامٌ معروفٌ في الرّجل ؛ فمَن - من مشايخ السّلفيّين - بدّعكم لأجل ذلك ؟!
و متى صارَ ( الجرحُ المُفسَّرُ ) انقلابًا ؟!!!
أم أنّ هذا تشويشٌ و تشغيبٌ على هذا ( الأصل السّلفيّ ) - أيضًا - ؟!
إنّ الرّجل إذا بانت سلفيّتُه ، و ظهرت أماراتُ صدقه و عدالته ؛ فلا يحلُّ لأحدٍ أن يجرحه أو يتكلّمَ فيه إلاّ ببيّنةٍ صادقة ، و براهين واثقة .
و مَن ( تكلّم فيه ) بغير ذلك عِيب بذلك !
و المومى إليه ؛ كان حالُهُ ما ذكرتُ .
و إلاّ ؛ فأرِنَا ما يُخالفُ ذلك - حينها - ، و أنّ ناسًا تكلّموا في الرّجل بسببه ؛ فبدّعهم السّلفيّون !!!
و أمّا بعد ذلك ؛ فلقد ظهرت من الرّجل أشياء ؛ فنُوصح فيها ، و صُبِرَ عليه - أيّما صبرٍ - ؛ فعاند ، و أصرّ ، و فارق النّاسَ ، و والى و عادى على ما بدر منه !
فتكلّم فيه مَن تكلّمَ مِن العلماء ، و فسّروا جرحهم ؛ فقبلنا هذا الجرح المُفسّر ؛ كما قبلنا - من قبلُ - ذلك التّعديل المؤيّد بعلامات السّلفيّة ، و أمارات الصّدق فيها .
فهل تُريد منّا - يا عليُّ - أن نربط على قلوبِ النّاس ؛ فلا يضلّوا ، و لا يزلّوا ؟!
أم تُرِيْدُ أن نَسْكُتَ على الباطل ؛ و قد ظهر و بان ؟!
بل ما أردتَ أن تَعِيْبَ به السّلفيّين ؛ فهو دليلُ تجرّدهم ، و صدقهم ، و سَيْرِهم مع قواعد العلم ، و شهادتهم - لربّهم - بالحقّ ؛ و لو على مَن كان مِن أنفسهم .
و هذا يعني أنّك لا تعترف بالارتداد ، و النّكوص ، و الانقلاب الّذي يكون ممّن أزاغ الله قلبه ؛ و نسأل اللهَ الثّبات حتّى الممات .
أو أنّك تعترف بذلك ؛ و لكنّك ترى السّكوت عن بيان حال مَن انتكس و انقلب !
فاعلم أنّ هذا غِشٌ لا يرضاه السّلفيّون .
و لكن !
كيف كان موقفك مِن ( أستاذك و شيخك ) محمّد بن إبراهيم شقرة ؟!
و كيف كان موقفُك مِن ( أخيك المفضال ) سليمٍ الهلاليّ ؟!
و مِن فُلانٍ و فُلان ٍ و فُلان . . ؟!
هل كنتَ ترضى الكلام فيهم ؟!
و ماذا كان موقفك من المُتكلّم فيهم ؟!
أتريد أن أُذكّرك بهجمتك الغريبة على كاتب هذه السّطور لمّا انتقد - مصيبًا - سليمًا الهلاليّ في مسألة ( التّمثيل بصحابة حُنين على الغُثائيّة ) ؟!!
ألم يصل بك الحالُ إلى رميي بما هو شركٌ ظاهرٌ - عياذًا بالله - في سبيل دفعك و ذبّك عن الهلاليّ ؟!
و الآن !
ما موقفك من الهلاليّ و شقرة ؟!
بل ؛ ما موقفك ممّن يذكرهما و يُثني عليهما ؟!
ألم يسألك سائلٌ عن رجلٍ - في هولندا - يرميكم بـ ( السّرقات العلميّة ) ، ثمّ أخبرك أنّه يحبّ محمّد شقرة ؛ فقلتَ لسائلك :
(( أمّا حبُّه للشّيخ شقرة ؛ فلو أنّك بدأتَ بما انتهيتَ به لَما أجبتُكَ على السّؤال ؛ لأنّ ( شقرةَ ) أصبح فيصلاً بينه و بين الحقّ ، و معاداته للشّيخ الألبانيّ واضحة ، و بالتّالي مَن يحبّ شقرة - بالضّرورة - لا بُدّ أن يُعادي الشّيخ الألباني و تلاميذ الألباني . . . )) ا.هـ
و مُعاداة الألبانيّ - رحمه الله - - لمنهجه - زيغٌ و ضلالٌ ؛ و قد وصفت الرّجلَ بهذه المُعاداة ؛ أخذًا ضروريًّا مِن حُبّه لمُبتدعٍ ؛ هو ( شقرة ) !
و هذا هو ( الامتحان بالمُبتدعة ) الّذي نذكره ، و نقرّره .
و أنتَ تدري أنّه لا ( إجماعَ ! ) على تبديع ( شقرة ) !
و لا أحسِبُك تراه مِن ( رؤوس ) أهل البدع ؛ بمنـزلة المريسيّ و ابن أبي دُؤادٍ . . !
ثمّ ؛ ألم تكن تُثني عليه أنت - من قبلُ - ؟!
فهل كنتَ تكفيريًّا حينها ؟!
أم أنّك ستُجيبُ أنّ حاله قد تغيّر ؛ فلذلك تغيّر موقفك منه ؟!
فجوابك هو جوابنا - هداك الله - !
فدع عنك - إذًا - سبيل السُّخرية هذا ، و ناقش من خاصمتهم من السّلفيّين في منهجهم ؛ بالعلم و العدل و الإنصاف .
فإذا كان جوابك (( صحيحًا ؛ بطل ردّك في هذا الموضع !
فأمّا أن يكون صحيحًا إذا استدللتَ به ، باطلاً إذا استدلّ به خصومك ؛ فهذا أقبحُ التّطفيف ، و قُبحُهُ ثابتٌ بالعقل و الشّرع )) ا.هـ [ بتصرّفٍ ؛ من " مفتاح دار السّعادة : 2 / 482 - بتحقيق الحلبيّ " ] .
أم :
حَرَامٌ عَلَى بَلاَبِلِهِ الدَّوحُ = حَلاَلٌ لِلطّيْرِ مِنْ كُلِّ جِنْسِ ؟!
و بالله - وحده - أستعين .
و الحمدُ للهِ ربّ العالمين .
و كتب :
ــــــــــــــــــ
أبو عبد الرّحمن الأثريّ
مُعَاذُ بْنُ يوسفَ الشّمّريُّ
- كان اللهُ له -
في : الأردن - إربد - حرسها الله - .
في : 5 - ربيع الأوّل - 1430 هـ .
.................................................. ..........................
الحواشي :
[ 1 ] قلت : هي هكذا في كثيرٍ من ( المصادر ) = ( لنـزوعه ) ، و وقعت في " تهذيب الحافظ " : (( ليردعه )) ؛ و هو تصحيفٌ ظاهرٌ !
للتّحميل على ملفّ ( وورد ) ، و رؤية الكلمات المُسوَّدة :
http://www.furk.net/bayanwadeh_15934.doc.html
( تتمّةٌ مُهمّة )
نقل الحلبيُّ - أصلحه الله - في " كتابه : 97 - 100 " عن الشّيخ العبّاد - سلّمه الله - قولَه في ( الامتحان ) !!!
و هذا فعلٌ غريبٌ من الحلبيّ !
فإنّ الشّيخ العبّادَ يرى أنّ ( الامتحانَ ) (( مِن البدع المُنكرة )) ( الحادثة في هذا الزّمان ) ، و أنّه ( غيرُ سائغٍ ) ، و أنّه ( يترتّب عليه أضرارٌ ) . . !
و قولُه - عفا اللهُ عنّا و عنه - غلطٌ غيرُ خافٍ . . ، و هو خِلافُ ما يزعمُ الحلبيُّ أنّه يراهُ و يعتقده ؛ و هو : الامتحان بالرّؤوس - فقط -!
فلقد قال - كما سبق - : (( و النّاسُ فيها طرفان ، و وسط :
. . . و الحقُّ هو الوَسَطُ العدلُ - بلا إفراطٍ و لا تفريط - :
و قد عرفناه من كلمات أهل العلم السّلفيّين - و سِيَرِهِم - في ذِكرهم و عدّهم مَنْ امتحنوا الآخرين بهم - :
مثاله :
ما ذكره الإمامُ البربهاريُّ في " شرح السُّنّة . . . )) ا.هـ
ثُمّ قال :
(( فالمُلاحَظُ في القائمتين - أهلِ السّنّة ، و أهلِ البدعة - : أنّ هؤلاء و أولئك - كليهما - رؤوسٌ فيما هُم فيه :
فأهلُ السُّنّةِ المذكورون هم رؤوسٌ في السُّنّة .
و أهلُ البدعةِ المذكورون هُم رؤوسٌ في البدعة .
فالسّؤالُ المُهمُّ - بل الأهمُّ - - هُنا - هو :
. . .
هل كلُّ مُواقعٍ للبدعةِ - أو عاملٍ بها - - دون أن يكون رأسًا فيها - يُمتحنُ به ؟!
هُنا المِحَكُّ ، و مَربطُ الفَرس - كما يُقال - . . . )) ا.هـ
فالحلبيُّ يزعمُ أنّ الامتحانَ إنّما يكونُ بهؤلاء الرّؤوس من الفريقين ، و ينقلُ عن العبّاد في تأييد هذا !!!
مع أنّ العبّادَ لا يرى الامتحانَ - أصلاً - !
بل يراه ( بدعةً مُنكرةً حادثةً غيرَ سائغةٍ ) - كما سبق - !
فهذا هو - إذًا - :
إمّا أنّ الحلبيَّ يتناقضُ - كعادته أخيرًا ؛ لا سيّما في هذا " الكتاب " - ؛ فينقُلُ أشياء في ( تأييدِ ! ) مزاعمه ؛ هو أوّلُ مُخالفٍ لها ؛ لأنّه يرى قولَ العبّاد - غفر الله له - من أقوال أحد الطّرفين ؛ المُغايرة للوسط ؛ الّذي هو الحقُّ و العدلُ بلا إفراطٍ و لا تفريط . . !
أو أنّ هذا هو قول الحلبيّ و مذهبه ؛ و لكنّه يُراوِغُ !
و أحلاهُما مرُّ . .
و اللهُ المُستعان !
و الحمدُ للهِ ربّ العالمين .
و أخيرًا :
فلقد حاول الحلبيُّ - هداه الله - التّشغيبَ و التّشويشَ على هذا الأصل السّلفيّ = ( الامتحانِ بالأشخاص ) ؛ فانتقل من تناقُضٍ إلى تناقُضٍ ؛ مِصداقًا لقول الله - سبحانه و تعالى - : (( لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا " .
فصار - أصلحه الله - (( كالّتي نقضت غزلها من بعد قوّةٍ أنكاثًا )) !
ذلكم أنّه يزعم أنّ الامتحانَ لا يكون إلاّ برؤوس المبتدعة !
و الرّؤوس - هؤلاء - عنده : هم المُجمَع على تبديعهم ؛ كما قال في ( الشّريط ) الّذي ردّ عليه أخونا الموفّق سعدٌ الزّعتريّ في " تنبيه الفطين لتهافت تأصيلات عليٍّ الحلبيّ المسكين " - و الشّريط عندي - : (( . . . إنّما يُفتَنُ النّاسُ و يُمتَحنون بشيءٍ واحد ؛ و هو : مَن اجتمعت الأمّة عليه ، أو ظهرت ضلالاته بإقامة الحجّة و استكباره ؛ أمّا مَن لا يزال عنده شُبَهٌ ، مَن لا يزال عنده تأوُّلٌ ، مَن لا يزال في مَوضع التّناصُحِ و الأخذِ و الرّدّ ؛ هذا بأيّ حقٍّ يُمتَحنُ النّاسُ به ؟!
أنت تُبدِّعه ، و غيرك لا يُبدّعه !
ماذا تفعل ؟!
أترضى أن تُمتَحَن على عدم التّبديع كما تَمتَحِن على التّبديع ؟!
لماذا نكيل بمكيالين و نزن بميزانين ؟!! . . . )) ا.هـ
فأقول - و بالله أستعين - :
أوّلاً :
لقد حاولتَ أن تُشاكس بذكرك إحسان ابن المدينيّ - غفر الله لنا و له - لابن أبي دؤادٍ ، و مَيله إليه !
فالسّؤال المُهمُّ - هنا - : هل ترى ابنَ أبي دؤادٍ مِمّن يُمتحن به ؟!
فإن أجبت بالإثبات ناقضت نفسك !
فابن المدينيّ - كما نقلتَ - يُحسن إليه و يميل إليه !!!
فلا إجماعَ على تبديعه !
فليس رأسًا في البدعة - إذًا - - على وَفق مصطلحاتك و مفاهيمك الجديدة - !!!
و إن أجبت بالنّفي ؛ فقل لي - بربّك - بِمَن يُمتحن - إذًا - ؟!!
و أين تذهب بكلماتك المادحة لتقرير البربهاريّ الامتحانَ به و بأمثاله ؟!!
و ثانيًا :
فإنّ عليَّ بنَ المدينيّ - رحمه الله - الّذي حاولتَ أن تتمسّك بهفوته و زلّته - الّتي تاب منها - لتسويغ ( مُشاكستك ) - نفسَه - لا يعرف ما تزعمه من حَصر الامتحان برؤوس النّاس المُجمع عليهم . .
فاسمع قوله في " شرح السّنّة لللاّلكائيّ : 1 / 133 ؛ طبعة : سيّد عمران ، و 1 / 277 - 278 ؛ طبعة : نشأت المصريّ " : (( و إذا رأيت الرّجل يحبّ أبا هريرة ، و يدعو له ، و يترحّم عليه ؛ فارجُ خيرَه ، و اعلم أنّه بريءٌ من البدع .
و إذا رأيت الرّجل يحبّ عمر بن عبد العزيز ، و يذكر محاسنه ، و ينشرها ؛ فاعلم أنّ وراء ذلك خيرًا - إن شاء الله - .
و إذا رأيت الرّجل يعتمد - من أهل البصرة - على أيّوب السّختيانيّ ، و ابن عون ، و يونس ،و التّيميّ ، و يحبّهم ، و يُكثر ذكرهم ، و الاقتداء بهم ؛ فارجُ خيره .
ثمّ - مِن بعد هؤلاء - : حمّاد بن سلمة ، و معاذ بن معاذ ، و وهب بن جرير ؛ فإنّ هؤلاء محنة أهل البدع .
و إذا رأيت الرّجل - من أهل الكوفة - يعتمد على طلحة بن مصرّف ، و ابن أبجر ، و ابن حيّان ، و مالك بن مغول ، و سفيان بن سعيدٍ الثّوري ، و زائده ؛ فارجه .
و من بعدهم : عبد الله بن أدريس ، و محمّد بن عبيد ، و ابن أبي عتبة ، و المحاربيّ ؛ فارجه .
و إذا رأيت الرّجل يحبّ أبا حنيفة ، و رأيه ، و النّظر فيه ؛ فلا تطمئنّ إليه و إلى مَن يذهب مذهبه ممّن يغلو في أمره و يتّخذه إماما )) ا.هـ
فهل كُلُّ مَن ذكرهم ابن المدينيّ - رحمه الله - رؤوسٌ في السّنّة مُجمعٌ عليهم ؟!
بل : هل أبو حنيفة رأسٌ في البدعة مُجمعٌ عليه ؟!!!
أظنّ أنّ رأسك يؤلمك - كثيرًا - مِن ثِقَل سقف تشغيبك و مُشاكستك السّاقط عليه !!!
أصلحك الله !
و الحمدُ للهِ ربّ العالمين . | |
|
نسمه الروح مشرف
عدد المساهمات : 230
نقاط : 452
تاريخ التسجيل : 22/05/2010
الجنس :
السٌّمعَة : 1
الأوسمة : المزاج : عادى
| |